اللغات المتخصصة : قضايا البناء و مداخل التحليل
بداية نود أن نشير إلى أنه حتى الانتهاء من كتابة هذا البحث، لم نجد كتابا يتضمن دراسة العربية اللغوية أو غير اللغوية، مع مرجع نظري محدد في تناول قضايا اللغات المتخصصة، في من حيث مضامين بنائها ومناهج وصفها وتحليلها، كأداة لكل نشاط تواصلي متخصص. ونتيجته في نفس الوقت. وهي «نتيجة» باعتبار أن جميع الإجراءات والتركيبات والصيغ اللغوية التي تتميز بها ناتجة عن مساهمتها في صياغة فرضيات ونتائج جميع التخصصات لغويا. أما كونها "أداة" فيرجع ذلك إلى أن الصيغ اللغوية المستخدمة يمكن تأسيسها كنماذج لغوية يمكن على أساسها قياس الأنشطة الاتصالية المماثلة الأخرى، سواء كانت شفهية أو مكتوبة. وكلمة "مداخل" في عنوان هذا الكتاب تشير إلى الفتحات التي تمهد الطريق للنصر ونقصد بنظرة شاملة ومتكاملة لعناصر بناء وتشكيل اللغات المتخصصة، المنهج اللغوي، والمنهج السيميائي، والمنهج النصي، والمنهج الأسلوبي، والمنهج النحوي، إضافة إلى المنهج المعجمية - المصطلحية، بما في ذلك العناصر المورفولوجية والصوتية والدلالية. ولذلك نرى أن هذا الكتاب مبتكر، ضمن دائرة الكتب العربية المعاصرة، ومتفرد في عنوانه وموضوعه، وفي تمثيله لحقائق لغوية متخصصة في منهجه ووصفه وتحليله. ولذلك انقلبت النهج إن كلاسيكية اللغات المتخصصة وتضادها هي طريقة بسيطة لبناء تصور جديد، يهدف إلى استكشاف أعماق نادرا ما يتم استكشافها، وفتح آفاق نادرا ما يتم البحث عنها في مجال دراسة هذه اللغات. وفي هذا السياق اعتمدنا أدوات وصفية وتحليلية لم يستخدمها الباحثون العرب الذين سبقونا في هذا المجال، سواء في تناولهم للعناصر التي تتكون منها هذه اللغات وقضاياها أو في تمثيلهم لمقاربات اللغة. دراستهم. بشكل عام، شرعنا في بناء هذا التصور هناك مقدمتان، الأولى نظرية والثانية منهجية. ويتعلق الجزء النظري بعدم اقتناعنا بفعالية هذه الأساليب. المصطلحات وحدها في معالجة القضايا اللغوية المتخصصة؛ إذ أن هذه المقاربات، القديمة والحديثة، تولد ادعاء ضمنيا وفاسدا، يقوم على وجود نوع من الترادف والتمثيلات الزائفة. هناك تناقض بين مفهوم المصطلح ومفهوم اللغة المتخصصة. ويبدو أن أصل هذا الادعاء هو فكرة أو فرضية فاسدة أيضاً، مما يبررها وجوده عند بعض الناس، ويجعله مستساغاً ومقبولاً. وتقول إن أهم شيء في اللغة المتخصصة، وأكثر ما يميزها هي المصطلحات التي تسمي مفاهيمها. ولذلك وجهنا كتابنا، والكتاب الذي صدر قبله، إلى دحض هذا الادعاء، وبيان بطلانه، وإيضاح أسباب عدم صحته وبطلانه. فأقمنا الحجة ووسعنا البرهان على أنه لا يمكنك بأي حال من الأحوال اختزال جميع الحقائق اللغوية المتخصصة، بما تحتويه من بيانات نحوية وأسلوبية ونصية وغيرها، في مداخل المعجم المصطلحي! وتلخيص كل خصوصياته في "فئة اصطلاحية" أو "منظومة مفاهيمية" وهي أحدهما أو كليهما بدلاً من ذلك!