السلفية المعاصرة وقضايا العصر
وفيه يناقش المؤلف - بأسلوب سهل تُعززه المصادر التي راجعها وأحال عليها - المشكلَ الفكري الذي تواجهه «السلفية المعاصرة»، والذي يقف عائقا بينها وبين قدرتها على امتلاك مشروع فكري حقيقي لإصلاح مجتمعها من ناحيه أو مواجهة مشكلة التخلف والإجابة على سؤال النهضة من ناحية أخري. ولعل ما تواجهه «الوهابية» في السعودية أحد الدلائل القاطعة على أزمة العقل السلفي المُغرق في الجزئيات، بعيدًا عن المنهج المقاصدي والفهم الكلي للشريعة، وأنها جاءت لتحقيق مصالح العباد، والرحمة بهم، والعدل بينهم. ناقش المؤلف مفهوم «العلم»، وأنه العلم بمعناه الواسع الذي يشمل علم الدين، وعلم الدنيا بمعناه الواسع: العقلي والطبيعي والكوني والإداري الحضاري، ونبَّه إلى أنَّ مشكلة العالَم الإسلامي هي مشكلة حضارية بالأساس، حلها امتلاك المسلمين لقوة العلم والمعرفة بمعناها الشامل. ناقش الكتاب مفهوم السلفية للعلاقة مع المختلفين معهم في المنهج، وأشار إلى موقفهم من الشيخ الغزالي حين ألف كتابه (السنه النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث)، فرد عليه مشايخ السلفية بـ(14) كتابًا، غير المساجلات عبر الشرائط المسجلة والمحاضرات. وناقش مفهومهم لعلاقتهم بالآخر غير المسلم، ومفهومهم للعلاقة مع الغرب، عبر منظور «الولاء والبراء». وأفرد المؤلف فصلا لموقف «السلفية المعاصرة» من الاجتهاد السياسي ومشكلات الواقع السياسية، كمفهوم الشوري، والإمام المتغلب، والتعددية السياسية والحزبية، ومفهوم الدولة الحديثة، والمواطنة، والخلافة، وتطبيق الشريعة، وما نأخذ أو ندع من خبرات الغرب والعالَم المعاصر. كما أشار إلى موقف «السلفية المعاصرة» من المرأة ودورها في المجتمع، مثل: التعليم، والمشاركة السياسية والمجتمعية، والشهادة، والولاية العامة. وفي الخاتمة نبَّه إلى أهمية منهج «فقه الأولويات» ومنهج «الاجتهاد»، مُراجعًا قاعدة «لا اجتهاد مع النص». الكتاب يمثل إضافة مهمه نحو ما يمثله تيار الإسلام الحضاري، وهو مجادلة بالتي هي أحسن مع التيار «السلفي المعاصر» لتجسير الفجوات في نظرته، وتذليل العقبات في مناهجه؛ للسير - ولو بضع خطوات - نحو مقصد رشيد للفكر الإسلامي وتياراته بكافة توجهاتها.