المستجدات في مسؤولية رئيس الدولة عن أخطائه
لا يوجد في الإسلام من هو بمنأى عن المسؤولية؛ بدءاً من أصغر فرد في الدولة الإسلامية إلى من يختص بأعلى سلطة فيها، فكل فرد مسؤول مسؤولية كاملة عن أفعاله وتصرفاته أمام الله سبحانه وتعالى إلى جانب المسؤولية الدنيوية. والسلطات الممنوحة لرئيس الدولة بوصفه نائباً عن الأمة، والتي تمكنه من القيام بأعباء المهمة الموكولة إليه ليست سلطة مطلقة تخوّله فعل ما يبدو له من غير رقيب أو محاسب، بل هي سلطة مقيدة بقيود تمنعه من مجاوزة حدودها، حتى إذا ما تصرف خارج تلك الحدود كان محلاً للمساءلة، ولا يعفيه منصبه من المساءلة والعقوبة حال تحقُّق الشروط المعتبرة لها. جاء هذا الكتاب ليبيّن أنواع الأخطاء التي يمكن أن تنسب لرئيس الدولة، والتي اتخذت أشكالاً مختلفة تبعاً لاختلاف نوع التصرف، ودوافعه، وتغيّرات العصر، ودخول مستجدات لم تكن معهودة سابقاً، الأمر الذي استدعى النظر فيها، وبيان مصادرها، وتقسيمها إلى أنواع لتشمل جميع ما يمكن أن يقع فيه رئيس الدولة من أخطاء، والتي جعلتُها في الأخطاء الشخصية وأخطاء السياسة الداخلية والخارجية، ثم بيان ما يمكن أن يترتب على هذه الأخطاء بأنواعها المختلفة من مسؤوليات وجزاءات، وبيان الجهة المخوّلة بمحاسبة رئيس الدولة في ظل ظروف العصر والتغيّرات على الساحة السياسية الدولية. وقد اتّبع هذا الكتاب منهجاً معتمداً على جمع المعلومات التي تخدم الموضوع من مظانها القديمة والحديثة، مبيناً الآراء في المسائل المطروحة وتحليلها والموازنة بينها، ومقارنة أحكام تلك المسائل في الشريعة الإسلامية مع ما جاء في النظم الدستورية والقانونية الوضعية، محاولاً تأصيل بعض المسائل المستجدة المتعلقة بأخطاء رئيس الدولة؛ بغية إنـزال الأحكام الشرعية المناسبة لها