مشروع أدونيس الفكري والإبداعي
لقد ثبت بالاستقراء أننا أمام اختيارين لا ثالث لهما في التفكير الأدونيسي؛ فإما أن نعلن عن استحضار الله والقيم في تشكيل الخلفيات الفكرية والثقافية عموماً؛ فيكون: إعلان موت الإبداع!! وإما أن نعلن عن موت الله، ونعدم القيم في تأسيس المرجعيات؛ فيكون ميلاد الإبداع!! لقد اختار أدونيس الوجهة الثانية، وهو لا يجد أدنى غضاضة في الإفصاح عنها، والمكابدة من أجل رؤساء دعائمها؛ منذ بواكيره إلى آخر ما أنتج. ولعل إشكالية كثيرين من دارسي أدونيس؛ تتمثل في أنهم يحاولون مواراة ما يفصح عنه هو نفسه دون أدنى مداراة أو مواربة؛ نعني بذلك: ثنائية الإله والمألوه. إن ما أنجز من دراسات عن أدونيس- معه أو ضده- لم ترق بعد إلى المستوى المطلوب سواء على مستوى الربط بين ما هو أدبي وما هو معرفي، أما على مستوى خلوها من الشمولية في تقصي الخيط الناظم للقضايا المثارة. ولعل تجزيء الأدبيِّ، وحصر الاهتمام في دراسة التقنيات- رغم أهميتها التعليمية- بعيداً عن المعرفيِّ كثيراً ما كان ولا يزال علة الإخفاقات في المنجز الأدبي العربي. يحاول هذا الكتاب ربط النصوص بالمنظومات المعرفة التي ينتمي إليها الشاعر بغية الكشف عن الناظم المعرفي الرابط بين القضايا كما مارسها الشاعر في مشروعه؛ شعراً ونثراً.