العلاقات الصينية الأمريكية.. وأثر التحول في النظام الدولي
مقدمة أولاً: المشكلة البحثية: شهد النظام الدولي منذ منتصف الثمانينيات وتفكك الاتحاد السوفيتى عام 1991 تحولات انعكست على هيكل هذا النظام ممَّا أدى إلى التأثير على أنماط العلاقات الثنائية بين الدول وخاصة الكبرى منها، حيث انتهت حقبة الحرب الباردة وحدث تحولٌّ عن نظام القطبية الثنائية الذي ساد خلال تلك الحقبة، إلى نظام جديد تعددت في توصيفه الرؤى ما بين النظر إليه باعتباره نظام القطب الواحد المهيمن أو إدراكه كنظام متعدد القوى أو التسليم بأنه نظام ما زال في طور التكوين،وجاءت أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001 لكى تدعم فى البداية الدور المهيمن للولايات المتحدة الأمريكية وتدخلها في عدد من الدول كأفغانستان والعراق، بالإضافة إلى انعكاسات هذه الأحداث على نمط علاقاتها بالعديد من الدول على رأسها الصين، ثم طرأت العديد من المتغيرات الاقتصادية والسياسية والثقافية التى دفعت بالنظام الدولى نحو بنيان عالمى تعددى ذى طبيعة هرمية أى تتعدد فيه مراكز القوة،بالإضافة إلى تطورات سياسية محورية ومنها أزمة اوسيتيا الجنوبية 2008، الأزمة الأوكرانية والسورية إلى آخره. وارتباطًا بذلك تسعى الدراسة إلى تحليل أبعاد التحول في النظام الدولي الحالى، ومدى تأثير هذا التحول في إحداث تغييرات هيكلية على نمط العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وانعكاس هذا التحول على أهداف وقضايا العلاقات على المستوى الثنائي، الإقليمي، الدولي بكافة أبعادها الاقتصادية والسياسية والأمنية والأدوات المستخدمة لتحقيق تلك الأهداف، آخذًا في الاعتبار مكانة الدولتين كقوى كبرى في النظام الدولي تؤثر وتتأثر بتحولات هذا النظام، بالإضافة إلى أبرز العوامل الحاكمة والمحددات للعلاقات الثنائية بين البلدين وتأثير الصعود الصينى على تلك العلاقات، وصولاً إلى تحديد الوسائل لتطوير العلاقات الثنائية المستقبلية بين البلدين. وبالتالى تتمحور التساؤلات البحثية في الآتى: ماهى أبعاد التغير فى النظام الدولى؟ ما هو تأثير الصعود الصينى على هيكل النظام الدولى؟ كيف ينعكس التحول في النظام الدولي على العلاقات الصينية الأمريكية من حيث التعاون والقضايا الخلافية فيما بينهما؟، وهل أدى هذا التحول إلى اتساع هوة الخلافات فيما بين الصين والولايات المتحدة أم ساعد على المزيد من التفاهم والتعاون؟ ما مدى حدوث تغير هيكلى فى نمط العلاقات الثنائية بين البلدين فى ضوء التحول فى النظام الدولى؟ ما المحددات الحاكمة للعلاقات الثنائية بين البلدين؟ ما هو مستقبل العلاقات الصينية الأمريكية فى ضوء هيكل النظام الدولى وتوازنات القوى؟ ثانياً: أهمية الدراسة: - تحليل هيكل النظام الدولى السائد وتوازنات القوى فى ضوء التطورات الاقتصادية والسياسية على الساحة الدولية. - مقومات القوة والمكانة التي تتمتع بها كل من الصين والولايات المتحدة في النظام الدولي وبالتالى من المهم دراسة كيفية تأثير التحول في النظام الدولي على علاقاتهما. - تؤثر العلاقات الأمريكية الصينية على الساحة الدولية بدرجة كبيرة خاصة في ظل عصرنا الحالى حيث نجد أن حل المشكلات الدولية الرئيسية مثل عدم الاستقرار المالى العالمى، منع انتشار الأسلحة، الإرهاب، التغير المناخى، عدم الاستقرار في أسعار الطاقة يتطلب بذل الجهود المشتركة من جهة بكين وواشنطن، بالإضافة إلى أنه في ظل العولمة نجد أن التحديات العابرة للقوميات تتطلب كذلك حلول عابرة للقوميات. بالتالى فالشراكة الصينية الأمريكية أساسية لمواجهة تلك التحديات ومن ثم فمن الضرورى دراسة أهم العوامل الحاكمة لتلك العلاقات والقضايا المرتبطة بمسار العلاقات على المستوى الإقليمى والدولي وصولاً لسبل تطوير تلك العلاقات.