نظرية المقاصد عند ابن رشد الحفيد
يؤكد الإمام محمد الطاهر بن عاشور في كتابه ( مقاصد الشريعة الإسلامية) أن: "مناط الحجة لنا بأقوالهم أنها دالة على أن مقاصد الشريعة على الجملة واجبة الاعتبار، وأن أقوالهم أيضا لما تكاثرت قد أنبأتنا بأنهم كانوا يتقصون بالاستقراء مقاصد الشريعة من التشريع (...) وفيه ما يعرفك بأن أكثر المجتهدين إصابة، وأكثر صواب المجتهد الواحد في اجتهاداته يكونان على مقياس غرضه في تطلب مقاصد الشريعة". وتحت تأثير هذا الوعي بأبعاده المتنوعة - انطلق العقل الأصولي والفقهي يبذل جهده الفكري لتحقيق هذا النوع من الاجتهاد يمارسه الفقهاء تطبيقا وتفصيلا، ويمارسه الأصوليون تنظيرا وتأصيلا. ومن الأعلام البارزين في هذا الشأن ابن رشد القرطبي الفقيه الفيلسوف ولعل الاشتغال على فكر ابن رشد كأنموذج لهذه الأعمال البنائية والتأسيسية النظرية المقاصد من شأنه أن يسهم في فهم دقيق لبنية النظرية المقاصدية واستيعاب قيمتها وأهميتها في حل كثير من إشكالات العصر. وهذا ما سأحاول مقاربته في هذا البحث إن شاء الله.