سيميائية السرد في الأخبار الصحفية دراسة في بناء الخطاب الإعلامي
يعد هذا الكتاب واحد من الكتب المهمة التي تدرس النصوص الصحفية دراسة سيميائية، وفضل هذا الكتاب مع كتب قليلة أُخر، انه فتح مجالات البحث للآخرين، لدراسة النص الصحفي دراسة نوعية، لا تعتمد على الكم او التصنيف الكمي للمواد الصحفية التي هاجسها التكرار..بل على علم الدلالة والخطاب وعلى مصطلحات هذه العلوم الجديدة، مثل شكل التعبير وشكل المضمون..إن مثل هذه الدراسات تتوخى أن تزيل التخمين والظن والانشاء من الدراسات الإعلامية المعاصرة. فالتحليل النقدي للخطاب، منهج واضح ذو تفصيل دقيق، وثقافة عميقة، ويحتاج تواصلاً معرفياً، ومقدرة وصبراً، وابتعاداً عن النمطية التي يقع فيها (تحليل المضمون) في كثير من تطبيقاته المحلية.. ان عصرنا المعقد هذا، يحتاج الى ما يوازيه، والابتعاد قدر ما يمكن عن (تسطيح المعرفة) وتنميطها، كلّ عصرٍ بما يوازيه، علماً وثقافةً وتطلعاً.. لذا فأن (السيميائية) بتطلعاتها الفلسفية ودأبها اللغوي وبخطواتها تثبت أن العصر قد تغيّر، واذا تغير العصر، فقد تغيرت مناهجه، ولا اقول أن ( التحليل النقدي للخطاب) هو المنهج القار الوحيد..فالفكر الإنساني مقبل على تغيرات كبيرة في الحقول المعرفية والفكرية، بعد التطورات الهائلة التي احدثتها وسائل التواصل الحديثة. والحق أن العقول قد تغيرت، وتغير العقل لابد مما يوازيه فكراً وفلسفةً، ولعلنا في العراق نشهد مثل هذا التغيّر. ومن الجميل والبديع أن يلتقط الباحث هذا المنحنى الفكري الخلاق، وأن يكون في صلب الثقافة الجديدة يساعده في ذلك تعلق بحقلين مهمين هما الأدب و الإعلام. وإذ مارس الباحث الأدب بواسطة الكتابة الفعلية في حقل السرد، فقد كان الإعلام حقلاً واسعاً لممارسة مستمرة، سواء في الصحف اليومية او الدراسة الاكاديمية..