ستون عاماً بين الشرق والغرب
هو سياحة في الدعوة والفكر والعلم والمعرفة والإرادة، اذ نتلمّس فيه بناء الذات، ومحاورة الآخر، لتشييد معمار إنساني حضاري للبشريّة جمعاء، مستلهمين الرؤية الكونيّة الحضاريّة الإسلاميّة في تأسيس المشترك الإنساني. وهو خطابٌ مؤسَسٌ على نَفَسٍ دعوي، ومنهج علمي، وتأصيل معرفي، وتخطيط مؤسّسي. وهو يمزج بين التنظير والتطبيق، والقراءة والتجربة، والعلم والعمل، والحكمة والممارسة، والمقصد والواقع، والتفكير داخل الصندوق وخارجه. ويتّكئ على إرث عظيم من التفكير الإسلامي القويم، الذي يتّخذ من فقه الواقع، وفقه الموازنات، وفقه الأولويّات، وفقه البدائل، وفقه النوازل، إلخ، شعاراً له ومناطاً لعمله. وهو كشفٌ عن مسيرة الفرد بحضور الكُل، ونكران للذات والأنا في العمل الجماعي، ونموذجٌ لعمل الفريق المتناغم، المتعاون، المتآخي، المضحّي. وهو متنٌ لدروسٍ من حياتي، مما تعلّمتُه وعلّمتُه وعايشتُه ومارستُه، إذ إنّ رحلتنا في الحياة نعيشها لفكرة زرعها الله في قلوبنا؛ فنبذل الجهود المضنية لتحقيقها، ونضرب في الأرض شرقاً وغرباً لإيصالها. وتتجافى جنوبنا عن المضاجع لخدمة البشريّة جمعاء، منطلقين من قوله عليه الصلاة والسلام "أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم للناس". والله نسأل أن يجد القارئ في عملنا هذا ثمراً طيباً نافعاً، يعينه على شق طريق النّجاح والفلاح.