كتاب: «الروضات المزهرات في العمل بربع المقنطرات» للعلامة شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الرحيم المزي يُعدّ من أبرز المؤلفات التي تسلط الضوء على إسهامات العلماء المسلمين في علم الفلك وتطوير الأدوات الفلكية. لقد كانت دمشق في عصر المزي مركزًا رئيسيًا للنشاط الفلكي، ولا سيما في صناعة الأرباع الفلكية التي أصبحت بديلاً عن الإسطرلاب فيما بعد.
إن الجهود البحثية الدقيقة التي بذلها صديقي الدكتور إبراهيم سلقيني دراسةً وتحقيقاً لهذا المخطوط، تكشف لنا أهمية مؤلفات المزي، والتي تميزت بتناولها مواضيع الإسطرلاب، وربع الجيب، وربع المقنطرات، والآلة المجنحة، والجداول الفلكية. وقد ظهر بوضوح أن المزي لم يكن فقط نظريًا بارعًا في علم الفلك، بل كان أيضًا صانعًا ماهرًا للأدوات الفلكية، حيث تميزت مصنوعاته بالجودة والدقة، ولا يزال بعضها محفوظًا حتى يومنا هذا، مثل الربع الفلكي الذي صنعه في عام 727هـ.
إسهامات المزي في علم الأرباع عموماً - وعلم أرباع المقنطرات على وجه الخصوص - تُعد من أقدم وأعمق الإسهامات في هذا المجال، وكان له الفضل الكبير في إظهار ونشر علم أبي علي المراكشي في الجيب، الذي أصبح فيما بعد علمًا رائجًا بين العلماء اللاحقين، ومنهم ابن الشاطر.
لا شك أن هذا الكتاب، الذي يحقق ويعرض هذا التراث العلمي الثري، يعد مرجعًا مهمًا لكل باحث في تاريخ الفلك الإسلامي وأدواته. وإنني أوصي بقراءته والاطلاع عليه لما يحويه من فوائد علمية جليلة تعزز فهمنا لإسهامات علماء المسلمين في هذا المجال.
المُحَرِّر