هذا الكتاب مجرد وثيقة علمية وتاريخية على سياسات بعض الدول في عهد دول الملوك والطوائف الثاني (في القرن الخامس عشر الهجري/ الواحد والعشرين الميلادي). وليس المقصود منه التعريف بالأشخاص، فمن سار معك حيث سرت، وجلس معك حيث جلست، ونام معك حيث نمت، وعاملك بالدينار والدرهم، واختبرك؛ فقد عرفك. أما من لم يفعل شيئاً من ذلك فما عرف شيئاً البتة!
هذا الكتاب جاء موثقاً ليضع الأمور في نصابها، ويضع حداً فاصلاً بين الإيمان والنفاق في عهد دول الملوك والطوائف الجديد الذي نعيشه. فإن كان النظام الحاكم في سوريا جيداً فلماذا قام باعتقال رِجَالات الأسرة وأقصاهم وضيَّق عليه؟! وإن كان رِجَالات الأسرة سيئين فلماذا قام المنافقون بالتعزية بالمتوفين منهم نفاقاً للجماهير المسلمة المؤمنة التي تحب الأسرة؟! وإن كان النظام سيئاً فلماذا لا يوفر المنافقون فرصة في مدحه وتمجيده وتقديسه وتلميع صورته في عيون البسطاء؟! ليصبحوا بذلك منافقين على كل حال؛ للنظام، أو للجماهير، أو للأسرة.
هذا الكتاب يُرينا كيف أن الكل في النهاية إلى الفناء والبلاء؛ المنافقون والطواغيت والصالحون (بلاء الجسد وبلاء الفتنة)، ويبقى الحق حقاً مهما عبثوا به وشوهوه ونفروا الناس منه بالحديد والنار وأنواع العذابات، ويبقى الباطل باطلاً مهما زينوه وجملوه وجعلوا له أصناف المرغبات والمشوقات.
هذا الكتاب فيه دروس تاريخية للشباب في الصراع بين الحق والباطل، فيقرؤوا فيه قول الله تعالى: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ}، ولا يفل الحديد إلا الحديد، فإذا كنتم تريدون إعزاز أمتكم ودينكم وبلادكم ووطنكم وإخراجه من هذا الجحيم الذي صنعه الأعداء بمكرهم فأنتم بحاجة لمكر كهذا المكر وأشد منه، وبحاجة لإخلاص وتوحد في سبيل الحق كإخلاصهم وتوحدهم في سبيل باطلهم الذي أفسدوا فيه البلاد والعباد، وبحاجة قبل ذلك كله للعلم الذي فتح البصائر ويرشد في الطريق إلى الحق ونُصرة الحق.
هذا الكتاب في ثناياه مجموعة من النصائح والوصايا القصيرة والعميقة النابعة عن تجارب حياتية وعلمية وسياسية طويلة، وهي صادرة عن أشخاص ما طمعوا بمنصب ولا وظيفة ولا جاه ولا عبئوا بشيء من الدنيا رحمهم الله تعالى، فنصيحتهم لمصلحة عموم الناس، والذي يتبع النصيحة لا ينفع إلا نفسه، ومن أعرض فلا يضر إلا نفسه، كما أنه لن يضرهم بشيء، فقد أبرأوا ذمتهم أمام الله بتقديم النصيحة لأهلها، وأفضوا إلى ربهم.
هذا الكتاب فيه كثير من أخطاء الماضي الـمُثبتة بالوثائق والشهود، والعاقل من اتعظ بغيره، والشقي من اتعظ بنفسه، فلا يعقل أن نقع في أخطاء الماضي مرات ومرات. فلنعقل، فلا نكن كأسلافنا الذين لم يتعظوا بغيرهم ولم تنفعهم النصيحة، فهلكوا وأهلكوا قومهم، وأحلوهم دار البوار، فلا حصلوا دنيا ولا آخرة. ولا يصح أن نداري ونواري أخطاءنا فتفسد قلوبنا بسبب الإفراط في المداراة، ونطمع أن يتولى غيرنا كل شؤوننا فنموت بسبب العجز عن تولي شؤوننا بأنفسنا، بل نعجز عن الدفاع عن أنفسنا ضد هجمات العدو.
هذا الكتاب يبين الجهود التي قام بها السابقون في حماية البلاد من الانهيار الديني، وكيف كان لها أثر عظيم في الحفاظ على هوية البلاد، ولو تواكلوا وقالوا: كل شيء بالتقادير الإلهية، كما يفعل بعض الكسالى، أو خافوا كما فعل بعض المتخاذلين، أو ساروا وراء مصالحهم وشهواتهم كما فعل بعض المنافقين، لربما أدركت بلادُ الشام الأندلسَ، فأفسدوا دين الناس وآخرتهم، ولجعلوا الدين سلعة في سوق الآثار. تلك الجهود هي سلعة الله، وسلعة الله غالية، فلم يقتصر ما دفعوه على بذل الجهد والمال، وإنما تعداها إلى بذل الأنفس والـمُهَج، وفقد أعز الأحبة وأقربهم إلى القلب.
هذا الكتاب يعرض بوضوح مقدار الإكرام الذي يقوم به النظام الباطني الطائفي تجاه العلماء، ثم يأتي بعض السذج -إن أحسنا الظن، وبعض المنافقين إن وضعنا الأمور في نصابها- ليدافعوا عن الوضع الراهن، أو يقولوا: كنا عايشين، فعيشة البهائم أكرم من حياة العبودية التي يعيشها هؤلاء الذين رضوا لأنفسهم الخنوع للفراعنة، بل ويحاولون إقناع الناس بصلاح هؤلاء الباطنية.
هذا الكتاب بصورته الحالية يعرض الصورة الكاملة من الجانب العلمي والاجتماعي والسياسي والديني معاً، فلم يتم الطمس أو التغافل عن أي جانب، لا رغبة ولا خوفاً من أي جهة أو أي أحد.