كانتْ غايةُ الدراسةِ الكشفَ عن الوجهِ الحقيقي للسلطة من خلال تجلياتِ الخطابات التي وصفها القرآن الكريم بها وبيَّنها بوصفها خطاباتٍ لا تنتمي إلى الرؤية الإلهية، ودراستها يعني فهمَ السلطة التي تحاولُ أن تخضعنا لها، وأنّ معرفةَ أهدافِها ووسائلِها وسماتِها، يعني معرفةَ كيف نُشخّصُها ومن ثمَّ عدمَ الخضوع لها.
وبعد استقراءِ النصِ القرآني وتحديدِ خطاباتِ تلك السلطةِ الخارجةِ عن الرؤيةِ الإلهية بوصفها المادةَ الأولية لموضوع البحث، اقتصرتْ الدراسةُ على تلك الخطابات، فتابعتْ بعض تشكلاتِها المضمونية والبنائية والثقافية ولاحقتْ ما تحملُ من حركةِ الأفكارِ في انبثاقِها النشوئي وتطورِها التكويني وتفاعلاتِها الوظيفيةِ وتموجاتِها المصيرية، وما ينطوي تحتها من سلطاتٍ ظاهرةٍ ومتخفيةٍ وعلاقاتٍ متباينةٍ وأنساقٍ ثقافيةٍ وما يترتبُ على ذلك من متغيراتٍ في مستوياتِ الوعيِّ والإدراكِ المعرفي، متوسلاً منهجاً نقدياً يعتمدُ في اغلبِ تحليلاتهِ للخطابات على رؤيةٍ (سيكو-سوسيو-ثقافية).
ولقد احتوتْ الدراسةُ على تمهيدٍ وثلاثةِ فصولٍ. وقد كشفَ التمهيدُ الجانب النظري من خلال ثلاثةِ محاورَ: (الخطاب، والسلطة، وخطاب السلطة)، من خلالها تم توضيحُ تلك المفاهيم، والعلاقات القائمة بينها ومن ثم عملية تشكلها.