وفي هذا الكتاب يجدُ القارىء الكريم دراسةً موضوعيةً للآيات المتعلقة بالشورى، كالشورى عند إبراهيم عليه السلام، والشورى العائلية، والشورى التي لها علاقة بالحياة العامة، كقوله تعالى: فالآية الكريمةُ وردت في سورة تحمِلُ اسم {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ *} [الشورى: 38]، وتسمية إحدى سور القرآن الكريم باسم الشورى هو في حد ذاته تشريف لأمر الشورى، وتنويه بأهميتها ومنزلتها، وجاءت الشورى في هذه الآية وصفاً تقريرياً ضمن صفات أساسية لجماعةِ المؤمنين المسلمين، فهم بعدَ إيمانهم متوكّلون على ربهم، مجتنبون لكبائر الإثم والفواحش، مستجيبون لأمر ربهم، مقيمون لصلاتهم {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} ويزكون أموالهم وينفقون منها في سبيل الله {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ *} [الشورى: 38]
وهي آية مكية، مما يدلُّ على أنَّ الشورى في الإسلام ممارسةٌ اجتماعية قبل أن تكون من الأحكام السلطانية، فهي تصفُ حال المسلمين في كلِّ زمان ومكان، فهي ليست طارئة ولا مرحلية.
لقد جعل الله سبحانه احترامَ الشورى من أثمن خصال المؤمنين وصفاتهم([1]) قال تعالى: {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ *وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ *وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ *}[الشورى: 36 ـ 38] .
([1]) الشورى، أحمد الإمام ص (15).