إن معركتنا الكبرى - قبل التنمية - ليست بين الإسلام والغرب كما يحاول أن يظهرها بعضهم، ولكنها في حقيقتها معركة داخلية، بين الاعتدال والتطرف، وبين التسامح والتعصب، وبين الانفتاح والانغلاق.
معركة يجب أن يتصدى لها - بالدرجة الأولى - المثقفون الواعون، ومنظمات المجتمع المدني، بإشاعة ثقافة الحوار والاعتدال والتسامح والانفتاح، على الرغم مـمّا يجده المثقف اليوم من العنت والرهق وهو يحاول أن يخاطب العالم لتفهم قيمه وثوابته.. العالم الذي يرى أن المقاومة والفداء ليست إلا وجهاً آخر مـن وجـوه الإرهـاب المفخخـة.. ويمكن في أحسن الأحوال - إن أحسنوا الظن بنا - تفسيرها وإيجاد المبررات لنا على أنها تعبير عن يأسنا وإحباطنا.
ففي الأوطان المتنوعة، التي تتعدد فيها الأعراق والمذاهب والطوائف، تصبح المواطنة.. هي الوسيط الذي يؤلف بين المتنافرات، وللمواطنة مقومات موضوعية مثل: الجغرافيا والتاريخ والمصلحة المشتركة والإدراك بضرورة التكامل الوجودي، وبأن كل جزء يكمل الآخر ويستقوي به، كما أن هنالك عوامل ذاتية أهمها الوعي المشترك بضرورة التوحد، والرغبـة المتبادلة فـي تغليب الولاء الأكبر للوطن على الولاءات الأدنى (القبيلة، الإقليم، الطائفة) لذلك فإننا في حاجة ماسة إلى نسيج فكري، يتبنى هذه الحقائق ويؤمن بها - بل يذهب أبعد من ذلك لفتح باب الاجتهاد للتوفيق بين ضرورات التأهيل والتحديث، وعلى الصعيد النظري علينا أن نجري اجتهاداً جماعياً يعالج ثنائية الوافد من الماضي والوافد من الخارج ليؤصل لمرجعية ثقافية جديدة.
محمد سعيد طيب
العبيكان للنشر